نيويورك-“القدس
العربي”:تعتقد الغالبية من الشعب الأمريكي أن الرئيس دونالد ترامب يجب ألا يؤيد قرار
إسرائيل بضم الأراضي الفلسطينية بناء على إتفاق بين رأسي حكومة الطوارئ الإسرائيلية.
وقد جاءت نسبة المعارضة للضم 44 في المئة مقابل 36 في المئة والباقي لا رأي لهم أو
لا يعرفون عن الموضوع. جاءت هذه النتائج حسب استطلاع أخير للرأي العام الأمريكي أجرته
مؤسسة “Lucid” لصالح مجموعة انتخابية تطلق على نفسها SumofUS ويستنتج القائمون على الاستطلاع أن التأييد الأعمى
لإسرائيل بدأ يتراجع وأن هذه النسبة التي تشير إلى أن نصف المجتمع تقريبا لا يؤيد الضم
إشارة مهمة للسلطات الأمريكية والإسرائيلية بأن التأييد المطلق لإسرائيل قد مضت أيامه.
يظهر
الاستطلاع الذي شمل عينة من 4000 شخص أن تأييد إسرائيل عند أنصار الحزب الديمقراطي
لا يتجاوز الربع بينما يرتفع ليصل إلى نحو 60 في المئة عند الحزب الجمهوري. أما تأييد
القرار بين اليهود الأمريكيين فقد حاز على 40 في المئة بينما عارض القرار 43 في المئة.
وتتشابه النسب لدى المسيحيين العاديين حيث يعارض قرار الضم 42 في المئة ويؤيده 38 في
المئة.
وعلقت
ستيفاني فوكس، المديرة التنفيذية لمنظمة “أصوات يهودية من أجل السلام” قائلة: “إن الخيار
الذي لدينا جميعاً كأمريكيين: هو إما دعم نظام الفصل العنصري أو الكفاح من أجل مستقبل
يتمتع فيه كلا الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي بحقوق كاملة، ومساواة، وحرية. كان عدد
كبير من اليهود الأمريكيين لا يعرفون سوى جانب واحد من التاريخ. هذا الاستطلاع يعكس
أننا جزء لا يتجزأ من الحركة التي تناضل من أجل الحرية للفلسطينيين”.
المواقف
الرسمية وغير الرسمية
وزير
الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أعلن يوم 24 حزيران/يونيو في مؤتمر صحافي ما كان قد
أعلنه في شهر نيسان/إبريل الماضي بأن أي قرار بشأن ضم أراضي الضفة الغربية يعود إلى
إسرائيل وحدها. وقال “إن القرارات بشأن قيام الإسرائيليين ببسط السيادة على تلك الأماكن
هي قرارات يتخذها الإسرائيليون”.
وأضاف
بومبيو أن الولايات المتحدة تتحدث مع جميع دول المنطقة حول “كيف يمكننا إدارة هذه العملية
لتحقيق هدفنا النهائي”. وأعرب عن أمله على انجاز تقدم ملموس في الأسابيع المقبلة لأن
نتنياهو ودولا عربية أخرى يدعمون خطة ترامب، والسلطة الفلسطينية فقط ترفض المشاركة
في ذلك.
ومن
الواضح أن الرئيس ترامب ومستشاريه الأقرب مثل جاريد كوشنير، ومستشار الأمن القومي روبرت
أوبراين، ومبعوث الشرق الأوسط آفي بيركوفيتش، وسفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل ديفيد
فريدمان، غير متفقين على تحديد موقف موحد لإدارة ترامب من مسألة الضم. فبينما يدعم
فريدمان وكوشنير الضم يتحفظ الآخرون على الأقل في هذه المرحلة التي تسبق الانتخابات
الأمريكية.
من
جهة أخرى وقع نحو 200 عضو ديمقراطي من مجلس النواب الأمريكي رسالة موجهة إلى رئيس وزراء
إسرائيل نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، ووزير الخارجية الإسرائيلي،
غابي أشكنازي، يحثونهم على التراجع عن قرار الضم خشية تعقيد أو إرباك العلاقات الأمريكية الإسرائيلية
في المستقبل.
كذلك
فعل 27 عضوا ديمقراطيا من مجلس الشيوخ. كما وقع 116 عضوا جمهوريا من مجلس النواب الأمريكي
رسالة موجهة إلى رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو، ووزيري الدفاع والخارجية، ردا على رسالة
الحزب الديمقراطي، يعبرون فيها عن تأييدهم لعملية الضم، مشددين على صلابة العلاقة التاريخية
بين الولايات المتحدة وإسرائيل لن تتغير.
يوم
30 حزيران/يونيو قامت عضو مجلس النواب، الكساندرا أوكاسيو- كورتز ومعها ثلاثة نواب
آخرين، بجمع تواقيع 12 عضوا تقدميا من الحزب الديمقراطي وصاغت رسالة قوية موجهة لوزير
الخارجية بومبيو تطالبه بوقف المساعدات لإسرائيل في حال مضي حكومة نتنياهو بالضم. ووقع
الرسالة مع الكسندرا كل من السناتور بيرني ساندرز، والنواب: بيتي ماكولوم (ولاية مينيسوتا)
براميلا جايابال (ولاية واشنطن) إلهان عمر (ولاية مينيسوتا) راؤول جريجالف (ولاية أريزونا)
رشيدة طليب (ولاية ميشيغان) أيانا برسلي (ولاية ماساشوستس) أندريه كارسون (ولاية إنديانا)
ناديا فازكيس (ولاية إلينوي) وثلاثة آخرين.
ووفقاً
للرسالة، فإن الضم الإسرائيلي “سيديم ويكرس انتهاكات حقوق الإنسان ضد الشعب الفلسطيني،
بما في ذلك القيود المفروضة على حرية التنقل، والمصادرة الجماعية للأراضي الفلسطينية
المملوكة للقطاع الخاص، وزيادة توسيع المستوطنات غير القانونية، ومواصلة هدم المنازل
الفلسطينية، وفقدان السيطرة على مواردهم الطبيعية”. وتقول الرسالة حان الوقت لتغيير
الموقف من إعطاء إسرائيل مساعدات غير مشروطة ويجب ألا تستخدم المساعدات في ضم أراض
فلسطينية.
السيناتور
الديمقراطي كريس فان-هولن من ولاية ميريلاند، حذر القادة الإسرائيليين من ضم أجزاء
من الضفة الغربية، الأربعاء الماضي، قائلا إن أموال دافعي الضرائب الأمريكيين يجب ألا
“تدعم بأي شكل من الأشكال، أو تشجع أو تصادق على ضم إسرائيل أراض فلسطينية من من جانبٍ
واحد”. واتفقت النائبة الديمقراطية جان شاكوسكي (ولاية إلينوي) وهي أحدى كتاب رسالة
مجلس النواب الأربعة المذكورة والتي تحذرهم من مغبة الضم بالقول: “أتفق مع كريس فان
هولن 100 في المئة، أعتقد أن هذا يتفق مع الموقف الذي نتخذه”.
موقف
الرئيس الأسبق كارتر
ولا
بد هنا من أن أشير إلى موقف الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر، الذي صدر بيان باسمه
يقول فيه إن “الضم المتوقع سيكون بمثابة مصادرة ضخمة وغير قانونية للأراضي الفلسطينية.
يجب وقف الضم، وعودة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى مفاوضات هادفة على أساس قرارات
الأمم المتحدة والاتفاقيات الثنائية السابقة”. واستنكر كارتر توسع إسرائيل المستمر
منذ عقود في بناء المستوطنات بالضفة الغربية، مشيرا إلى أنها تعرض للخطر “أي إقامة
محتملة لدولة فلسطينية ذات سيادة”. وأشار إلى أن الضم الرسمي سينهي حل الدولتين المتفق
عليه دوليا، ومعه إمكانية إيجاد حل عادل للصراع.
مواقف
المنظمات اليهودية
قد
تكون المرة الأولى التي تتخذ لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية “أيباك” موقفا
لا يعترض على انتقاد إسرائيل في موضوع الضم. فقد تداولت الأخبار الموثقة هنا أن أيباك،
المؤيدة لإسرائيل دائما، تقول للمشرعين في الكونغرس إنهم أحرار في انتقاد خطط الضم
الإسرائيلية التي تلوح في الأفق – طالما أن الانتقادات تتوقف عند هذا الحد. وقد اقتبست
وكالة تيلغارفك اليهودية في الأول من تموز/يوليو مصدرين – مساعد في الكونغرس ومانح
– قالا إن إيباك عرضت على المشرعين هذا التوجه في اجتماعات ومكالمات هاتفية على عدم
اعتراضها لانتقاد إسرائيل للضم. وتقول الصحيفة إن الإيباك لا تريد أن تظهر بمظهر الداعم
الأعمى لإسرائيل بل هي الأخرى لديها خطوط حمر وتريد أن تترك هامشا لانتقاد تصرفات إسرائيل
كي تظهر بأن لها علاقة بالشارع الأمريكي المنقسم حول موضوع الضم وتميل الكفة لصاح المعارضين.
لكن المنظمة القوية والتي تملك تأثيرا كبيرا داخل الكونغرس حذرت في بيان لها يوم
11 أيار/مايو من أي مقترحات لتقليص العلاقات مع إسرائيل في حالة الضم. وقالت أيباك
“إن فعل أي شيء لإضعاف هذه العلاقة الحيوية سيكون خطأ”. بيد أن البيان يشير إلى أن
انتقاد إسرائيل أمر صحيح. “من المحتم أن تكون
هناك مناطق من الخلاف السياسي بين القادة على الجانبين – كما هو الحال بين أمريكا وجميع
حلفائنا”.
موقف
جي ستريت
جي
ستريت يعتبر ثاني أكبر لوبي يهودي يدعم حل الدولتين ويعتبر أن من مصلحة إسرائيل الحيوية
في التوصل لحل سلمي مع الفلسطينيين على أساس هذا الحل. وجاء في بيان للمجموعة حول نية
ضم الأرض الفلسطينية إن حكومة نتنياهو قد تبدأ بضم مساحات كبيرة من الضفة الغربية في
أي يوم، وسيكون هذا بمثابة توجيه ضربة كبيرة لديمقراطية إسرائيل وأمنها، وحقوق الفلسطينيين
وآفاق حل تفاوضي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وتابع
بيان المجموعة أن الضم سيتضمن منع إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وسوف يضفي
الطابع المؤسسي على نظام غير ديمقراطي ستحكم فيه إسرائيل بشكل دائم السكان الفلسطينيين
عديمي الجنسية في الضفة الغربية. وهذا من شأنه أن يخون بشكل أساسي الرؤية والمبادئ
الديمقراطية لمؤسسي إسرائيل، ويعرض للخطر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ويجعل من
المستحيل تقريبًا الحفاظ على دعم واسع لإسرائيل في الولايات المتحدة. “إننا بالوقوف
مع المشرعين الأمريكيين وخبراء السياسة وجزء كبير من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية،
فإننا نوضح لماذا سيكون الضم مدمراً للغاية – ونتخذ إجراءات لوقفه”.
“إذا قامت إسرائيل فعلا بالضم، فلن يسعى مؤيدو السياسة الإسرائيلية في الولايات
المتحدة إلى قطع المساعدة الأمريكية لإسرائيل. ولكن كما تقول منظمة “إذا لم يكن الآن
“IfNotNow” وهي منظمة يهودية مناهضة للاحتلال، سيعطي الضم
فرصة لدفع المسؤولين المنتخبين والمنظمات اليهودية الكبرى لدعم إعادة النظر في شروط
المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل. ومن المرجح أن تؤدي المطالب التي تقوم بها
المنظمات اليهودية السائدة بالمزيد من معارضة الضم إلى تراجع الإجماع المؤيد لإسرائيل
في المجتمع.
هذا
الشرخ في الموقف الأمريكي الشعبي والرسمي وفي المنظمات اليهودية نفسها مؤشر مهم لتوجيه
العمل على الساحة الأمريكية. فقد كانت هذه الساحة حكرا على موقف واحد وصوت واحد ونشاط
متعدد ينتهي إلى دعم إسرائيل. الأمور بدأت تتغير لأن إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمر
ولم يعد أحد يستطيع الدفاع عنها وهي تترك حتى أنصارها في موقع حرج لتأييد السيطرة والاحتلال،
أو الانتقال إلى تأييد نظام الأبارتهايد، أو تأييد الاحتلال الدائم، وهي أمور يرفضها
الإنسان العادي بعد أن تهافتت الدعاية الصهيوينة في حكاية أن العرب يريديون أن يرموها
في البحر وأنها جزيرة صغيرة في بحر من ملايين العرب. إن إمكانية هزيمة المشروع الصهيوني
الاستعماري الإحلالي إذا توفرت شروط هزيمته والتي تبدأ في توحيد الخطاب الفلسطيني والتوجه
نحو مقاومة الفصل العنصري والاحتلال في نفس الوقت دون الالتفات الآن إلى فكرة الحل
القائم على دولة أو دولتين… هذا ليس وقته….
المطلوب الآن هزيمة الفكر الشوفيني الاستعلائي العنصري القائم على نفي الآخر. وتبدأ
هزيمة هذا المشروع من هنا، من الولايات المتحدة، وذلك بالإطاحة في الانتخابات القادمة
بالرئيس العنصري المتصهين هو وكل مستشاريه الأقرب.
Kommentar veröffentlichen